زمالة مدمني الجنس المجهولين

إدمان الجنس

يعتبر إدمان الجنس من الإضطرابات الشائعة في الوطن العربي

إدمان الجنس Sexaholism (sex addiction) 

مقدمة: من الضروري أن يعرف المرء أن الجنس أمر محوري في حياته وليس نوعاً من الترف أو مصدراً للخجل وضرورة السرية والتستر فيه فقط لا غير. وأيضاً ليس فقط ضرورة من ضرورات استمرار النوع كما هو في الحيوانات, بل هو أكثر رقياً في البشر كتعبير عن الحب والعلاقات الإنسانية الراقية.

الجنس له ميزة كبيرة جدا قد لا يعرفها الكثيرون رغم روتينية القيام بها منذ الأزل على كافة المستويات سواء الخيال أو الواقع. هذه الميزة هي ارتباط الجنس والممارسة الجنسية الوثيقة بالآخر.

ولكي نبين هذه الخصوصية, ينبغي أن نعرف أن الضرورات البيولوجية النفسية لحياة نفسية وجسدية مستقرة للانسان هي خمس:

1) النوم.
2) الشهية للطعام والشراب.
3) تغير المزاج حسب فترات اليوم.
4) إخراج الفضلات الجسدية.
5) الجنس.

ولو لاحظنا أن العناصر الأربعة الأولى يستطيع الانسان, بل يفضل أحيانا, أن يقوم بها ولوحده تماما. أما الجنس فلا يمكن أن يمارسه الانسان لوحده أبدا.

على مستوى الخيال, يعيشه الانسان مع شريك حقيقي أو من صنع خياله. على مستوى العادة السرية, الأمر مشابه تقريبا للممارسة الخيالية وفي الأحلام أيضا لا بد من شريك سواء بشري أو حيواني أو حتى من الجمادات. لا حاجة للقول أن الممارسة في الواقع تحتاج للشريك.

هذا يعطي الجنس بعدا آخر غير اللذة وهي التواصل والعيش والاستمرارية للبشرية والأهم من كل أنه أداة للتعبير عن الحب.

هل يوجد ما يسمى إدمان على الجنس؟!:
الكلام عن إدمان الجنس قديم جدا لكن دراسته بشكل علمي وإيجاد طرق للتعامل معه كان فقط في الأربعة عقود الأخيرة. بدأ الباحثون بجمع المعلومات وتوثيقها من آلاف المتأثرين بطغيان الجنس على باقي جوانب حياتهم وتم تحليل هذه المعلومات ليتم الحصول على أسس علمية وقوية لهذا المرض.

إدمان الجنس هو مصطلح مطاط بعض الشيء وخاضع للتقييم الخاطئ لأسباب منها تعقيد عملية الجنس بسبب تداخلات عناصرها الكثيرة (الجسمانية, العاطفية, الاجتماعية, الدينية......إلخ) وبسبب كون الجنس أمر طبيعي في حياة الانسان فيختلط الموضوع حيث الحدود بين الطبيعي والشاذ و المفرط غير واضحة المعالم.

ببساطة, إن كانت ممارسة الجنس هي لإشباع الرغبة الطبيعية للجسد والروح, وفي نطاقها القانوني والاجتماعي من جهة أو الديني من جهة أخرى, ودون أن تسبب المشاكل للانسان أو شريكه فهو أمر طبيعي. أما لو كانت الممارسة الجنسية تخل بأحد هذه العناصر وتؤثر على حياة الانسان أو تورطه في مشاكل أو تسبب مضاعفات ومع ذلك يستمر فيها وبشكل قسري, فهو ما يطلق عليه بشكل عام إدمان الجنس.

قد ينغمس البعض في ممارسة الجنس بصور مختلفة في ظروف حياتية أو نفسية معينة غالبا ما تكون مؤقتة كمصدر للشعور بالراحة النفسية. لا يسمى هذا السلوك إدمانا للجنس ما لم يصل حد السلوك القسري المؤذي.

إدمان الجنس مشكلة توجد في كل الطبقات الاجتماعية وكل المستويات التعليمية وفي كل الأعراق البشرية المختلفة. ولكن يعتقد أنه يختلف قليلا في النساء حيث يغلب عليهن الإدمان على فكرة كونهن جذابات ومثيرات للاهتمام أكثر من الرغبة الجنسية نفسها.

متى نطلق على الانسان أنه مدمن على الجنس؟:
لحد الآن لا توجد خصائص متفق عليها حول إدمان الجنس ولم يتم الإقرار به في النسخة الرابعة من الدليل التشخيصي الإحصائي ولكن تجري التحضيرات لضمه إلى قائمة أمراض الإدمان ويتوقع أن يحدث ذلك في العام 2012م.

لا يزال الجدل مستمرا بين من يطلقون عليه مسمى إدمان (Addiction) وبين من يريدون إعطاءه إسما آخر مثل الاندفاعية الجنسية (Sexual Impulsivity) تمييزا له عن إدمان المواد الكيميائية (المخدرات).

يوجد ثلاث خصائص مهمة قد تجعل من السلوك الجنسي إدمانا حقيقيا وهي:

- القسر في السلوك: ومعناها عدم القدرة على التحكم في الممارسة الجنسية.
- الاستمرارية رغم وقوع الضرر: إدمان الجنس مؤذ ومكلف جدا من الناحية الزوجية والأسرية والمالية والوظيفية ومع ذلك يستمر المدمن في نفس السلوك رغم ما يعانيه هو نفسه ومن حوله.
- الهوس بالجنس: وهو عدم القدرة على التوقف في التفكير فيه سواء بالخيالات أو بأحلام اليقظة أو التفكير المستمر في كيفية إيجاد طريقة للإشباع الجنسي. التفكير في الجنس مستمر تقريبا سواء بوجود ما يشير له في كلام الآخرين أو المحيط بالمدمن أو كان لوحده وبعيدا عن المؤثرات.

أشار بعض الباحثين إلى أن السلوك الجنسي الذي ينضوي تحت مسمى إدمان الجنس يجب أن يكون سلوكا سويا في الأساس ولكنه زائد عن الحد أو يؤدي لمشاكل كبيرة. ولكن معظم الباحثين لا يتفقون مع ذلك, والسلوكيات الجنسية سواء كانت غيرية أو مثلية فهي إن انطبقت عليها الشروط الإدمانية كانت سلوكاً إدمانياً جنسياً.

بعض السلوكيات المعتادة لمدمن الجنس:
قد لا يكون هدف المدمن على الجنس هو الوصول للرعشة الجنسية (العسيلة أو الإيغاف Orgasm) في كل مرة يمارس فيها الجنس ولكنه يجد السعادة في الممارسة نفسها حتى دون اللذة (الجنسية) المعروفة. ما ينشده غالبا هو دفق الدوبامين في الدماغ الذي يبعث على المتعة و البهجة وقد يكون السبب هو الشعور بالكآبة قبل ممارسة الجنس.

لكي نبسط الفرق بين شخص عادي وشخص مدمن على الجنس: فلو شاهد شخص عادي منظر فتاة مغرية في الشارع فقد ينظر لها مرة أو مرتين ويتمنى ممارسة الجنس معها ثم ينصرف لحال سبيله ولحياته المعتادة أو أن ينشغل بشيء آخر يشد انتباهه. لكن لو شاهد مدمن الجنس نفس الفتاة, فإنه سيعود لها مرات متكررة ليراها ويدور حولها ويبني في خياله قصصا جنسية متعددة ويظل يفكر فيها باستغراق كامل فيها مع ممارسة العادة السرية أو قد يتعرض لها في الشارع في نفس اللحظة التي يراها فيها ويعرض عليها أو يلمح لممارسة الجنس معها بمقابل أو بأي شكل.

يتراوح سلوك المدمنين على الجنس بين الخيال والتطبيق الواقعي وقد يدمنون على نوع واحد من السلوكيات الجنسية أو أكثر في نفس الوقت أو تتغير من وقت لآخر. ويشعر المدمن بالعجز عن السيطرة على هذه الخيالات أو السلوكيات.

في كل مرة يمارس المدمن سلوكه الجنسي يشعر بالخجل ويحتقر نفسه ويندم وينوي عدم ممارستها مرة أخرى. لكن بعد فترة وجيزة, يشعر بالشوق الشديد لممارسة الجنس بأي وسيلة تشعره بالسعادة. ورغم كل الأضرار التي قد تحصل له من وراء ذلك, فهو يعيد الأمر المرة تلو الأخرى. بل ويقرر الكثير من مدمني الجنس أن سلوكهم الجنسي يتدهور مع مرور الوقت والسنين ولا يميل للتحسن مع الشعور بالندم والخجل.

التدهور قد يحصل في المسار النمطي للمشكلة حيث يبدأ بالإكثار من العادة السرية مرورا بالصور والأفلام الخليعة ثم تعدد العلاقات وينتهي الأمر بالممارس

ات الخطيرة أو الإجرامية مثل الجنس مع الأطفال. أو قد يحصل التدهور في نفس السلوك مع الاحتفاظ به مثل أن يستمر في مسألة تعدد العلاقات دون تغييرها ولكنها تزيد مع الوقت كما أو كيفا.

تزداد حالة مدمن الجنس سوءا في الأزمات النفسية أو العاطفية أو المالية أو أي نوع آخر من الظروف القاسية. في مثل هذه الظروف يكون سلوكه أكثر تكرارا في الممارسة وأقوى وأكثر شراسة إن كان سلوكه الجنسي يتضمن العدوانية والإجرام.

يحاول المدمنون على الجنس أن يغطوا على سلوكهم الجنسي بواسطة ممارسة عكسه في المجتمع إذ قد ينضمون لجماعات دينية أو خدمات اجتماعية أو إنسانية ليختبئوا خلف ستارها المحبب للناس.

في النهاية قد يسبب إدمان الجنس إعاقة جزئية أو كاملة لحياة المدمن في جوانبها كلها أو بعضها وقد يكون سببا في إنهاء حياته.

* قصة نمطية: حسام, رجل وسيم وتاجر ناجح وإنسان محبوب ومرح وطيب القلب جدا وعطوف على الفقراء والمحتاجين. عمره 45 سنة ومتزوج منذ 15 سنة ولديه 3 أطفال. وخلال كل هذه المدة كان يتعرف على 4 أو 5 نساء سنويا الواحدة تلو الأخرى دون أن يجمع اثنتين في وقت واحد ويعاشرهن لمدة معينة ثم يفترق عنهن بلا سابق إنذار. بعد كل معاشرة جنسية مع أي من هذه النسوة, يشعر بألم الندم والحسرة والخجل من نفسه وتصرفاته.
لا يكتفي بذلك, بل عندما يكون بعيدا عن زوجته وعشيقته ولا يستطيع الوصول إلى الجنس الطبيعي بأي شكل, فإنه يمارس العادة السرية سواء في مكتبه أو في حمام الشركة أو في حمام بيت صديقه عندما يكون في دعوة للعشاء. قد يمارس العادة السرية مرتين أو ثلاث يوميا.
يزداد ألمه وشعوره بالحسرة حينما يعاشر عاهرة في ماخور دعارة عندما يسافر أو يبتعد عن زوجته وعشيقته لأي سبب ويشعر بأن ذلك غير لائق بمستواه الاجتماعي وحب الناس واحترامهم له.
مع مرور السنين, يعاني حسام من الكآبة والعزلة وعدم الرغبة في العمل ويتعرض لخسائر مادية فادحة وتبدأ لديه الرغبة في الانتحار.
إضافة لذلك, يتعرض حسام لعاصفة أسرية كادت أن تودي بحياته الزوجية وتعرض أطفاله للضياع حينما اكتشفت زوجته (خيانته) لها. ينهار حسام أمامها باكيا وهو يستعرض آلامه التي يعاني منها جراء سلوكه الغير سوي وأنه لا يرغب به وحاول التوقف عنه عدة مرات.
تفهم زوجته ومساندتها له ووعدها بالوقوف لجانبه بشرط أن يخضع للعلاج المتخصص خفف من معاناته لاحقا وخلق فيه نوعا من التوازن وتدريجيا استطاع التغلب على المشكلة مع العلاج والتأهيل.

جذور مشكلة إدمان الجنس:

يعتقد أن جذور المشكلة تكمن في الطفولة وفي طريقة ومحيط التربية الأولى في حياة الإنسان. عادة ما ينشأ من تم تشخيصهم بهذا النوع من الإدمان في محيط مضطرب أو أسرة مفككة أو لم تستطع أن توفر كل الحب الذي يحتاجه هذا الطفل. ينشأ الطفل ويشعر بالعزلة والكآبة وخيبة الأمل من أسرته. هذا يدفع الطفل للبحث عن مصدر للسعادة المؤقتة عن طريق العبث بأعضائه التناسلية.

يعتبر ذلك نوع من الهروب يلجأ له الطفل كلما أحس بالضغوط النفسية مثلا عندما تحصل خلافات بين الأبوين تشعره بفقد الإحساس بالأمن والراحة.

عندما يفقد الطفل الإحساس بالاهتمام من قبل المحيطين به, فقد يبحث عنه بأن يخلق حبا مع ذاته ويتخيل أنه يحب نفسه سواء روحيا أو جسديا أو يبحث عن هذا الحب خارج الأسرة حتى لو كان عن طريق الانترنت أو أي وسلة أخرى. وقد ينغمس في رؤية الصور والأفلام الجنسية التي تمثل الحب والألفة بالنسبة له مما يجعله متعلقا بها وعاشقا لها.

الملابس المبتذلة بشكل مبالغ فيه أمام الطفل أيضا يعتقد أنه عامل مساعد على ظهور مشكلة الإدمان على الجنس. كما أن الكلام بشكل مبالغ فيه عن الجنس أمام الطفل وتبادل النكات عنه وبشكل غير محتشم أو الكلام عن العلاقات الغير سوية أمامه قد يكون كل ذلك من جذور وأسباب ظهور مشكلة الإدمان على الجنس.

قد تبدأ المشكلة لدى الطفل عندما يتعرض لموقف فيه ما يشير للجنس بشكل صريح أو تلميحا من شخص بالغ أو طفل أكبر منه. يشمل ذلك التحرش به أو تعريضه لرؤية الأفلام أو الصور أو أي مادة جنسية. هذا لا يعتبر فقط إساءة للطفل بل قد يعرض حياته الجنسية في البلوغ إلى أمور خطيرة جدا وقد لا يستطيع ممارسة حياته الجنسية بشكل طبيعي أبدا.

إن ممارسة العادة السرية لدى الأطفال أو بكثرة لدى المراهقين قد يكون مؤشرا قويا على وجود مشكلة لديه مثل: عدم الشعور بالأمان, أو القلق, أو وجود مشاكل واضطرابات في جو البيت, أو أنه تعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسي....إلخ!.

الطفل الذي ينشأ وقد تعرض لمثل هذه الأمور (الحرمان, التحرش أو الاعتداء الجنسي, التعري أمامه....إلخ) يصبح من الصعب عليه أن يميز بين الطبيعي وغير الطبيعي في الجنس ومن الصعب عليه أن يعرف حدوده في ذلك ومدى أهمية مشاعر الآخرين. يصبح الجنس لديه هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحب وعن الانتماء والراحة والسعادة.

أسباب إدمان الجنس:

الباحثون في هذا المجال لا يعتقدون بأن إدمان الجنس هو سلوك مناف للأخلاق والذوق بشكل صرف وإنما توجد متغيرات في الدماغ تختلف عن تلك الموجودة لدى الأسوياء.

بالإضافة لجذور إدمان الجنس المذكورة أعلاه, توجد ما يعتقد أنها مسببات مباشرة أو مرتبطة بشدة مع إدمان الجنس.

يعتقد بوجود اضطراب في إفراز مادة الدوبامين (Dopamine) والتي تسمى مادة المتعة في الدماغ أثناء الممارسة الجنسية نفسها وأثناء الرعشة الجنسية لدى المدمنين على الجنس. أي أن دماغ المدمن على الجنس يتعامل بشكل مختلف مع المتعة المرتبطة بالممارسة الجنسية وخاصة الإحساس بالرعشة في نهايتها.

يعتقد أن الدفق الهائل من مادة الدوبامين في أدمغة المدنين جنسيا يعادل مئات المرات ما يحصل في مدمني الهيروين والكوكايين. وهذا الدفق العالي من الدوبامين العالي جدا في أدمغة مدمني الجنس يبدأ حتى بالخيال الجنسي مرورا بالكلام عنه وبدء المباشرة فيه أو عند النهاية.

ولذلك شبه بعض الباحثين من أمثال (Gert Holstege) تعامل دماغ المدمن مع النشوة الجنسية كما يتعامل مع الدفق الذي يرافق استخدام الهيروين تماما.

الإفراز المفرط للدوبامين المسبب للنشوة الجنسية يجعل الدماغ ينتظر إشباع مركز اللذة فيه بشغف كبير مما يجعل معاودة الفعل الجنسي أمرا قسريا ومن الصعب التحكم فيه.

مع مرور الوقت, يحصل متغيرات في الدماغ تؤدي إلى شح في الدوبامين وبالذات في الجهاز الحوفي (Limbic System) وليس ارتفاعا كما هو متوقع في مثل هذه الحالات. هذا يؤدي لحالة من الفقد لشيء ما في حياة المدمن على الجنس فيما يختص بممارسته له. أي أن المدمن يشعر أنه يفتقد لشيء ما (كنوع من الشوق Craving) دون أن يقترن بالنشوة عند فعله, أي أن يصبح وكأنه شيء يتم بشكل (آلي).

يستجيب المدمن على الجنس أكثر من غيره للمغريات الخارجية بكافة أنواعها كنوع من التعلم المشروط المصاحب للجنس, أي أنه يهتاج أكثر من غيره عند وجود مؤثر مغري أيا كان نوعه ولكن هذا لا يعني أن شهوته أكبر عند البدء في الإشباع بالممارسة ولكنه يمارس الجنس كنوع من التخلص من شح الدوبامين في دماغه والذي يسبب نوعا من الكآبة.

يعتقد الباحثون أيضا أن هناك جزء في الفص الجبهي من الدماغ يسمى الفص الحجاجي الجبهي (Orbito-Frontal Cortex) والمختص بالحكم على الأمور ونتائجها يتم التحايل عليه لسبب معين أثناء الطفولة يؤدي لسوء تقدير في الأمور بحيث تتغلب الرغبة على التريث والتقييم للنتائج. هذا يؤدي بالإنسان إلى أن يتصرف دون أن يفكر مليا فيما يقدم عليه عندما يكون مدمنا على الجنس وهو مشابه تماما لما يحدث في الاعتمادية على المواد الكيميائية أي المخدرات.

يوجد ربط بين إدمان الجنس وثلاثة من الاضطرابات النفسية وهي: الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder), الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder) والاضطراب الوجداني ثنائي القطب (Bipolar Affective Disorder ) مما يؤيد وجود اعتلال دماغي أو نفسي على الأقل في إدمان الجنس.

ارتباط آخر لا يقل أهمية في إثبات جذور عضوية كيميائية لهذا النوع من الإدمان وهو ارتباط إدمان الجنس بإدمان المخدرات. في هذه الجزئية, وبصور مختلفة, ارتبط الاثنان في العنصر الكيميائي للمشكلة وأيضا باضطرابات المزاج التي تجمع بينهما بشكل وثيق جدا في المسببات والنتائج.

بشكل نفس ديناميكي, يفسر إدمان الجنس على أساس ما ذكرناه أعلاه في جذور المشكلة منذ الطفولة والمشاكل في التربية أو التعرض للصدمة بأي شكل مثل الاغتصاب. ويميل بعض المختصين في هذا المجال إلى تفسير هذه المشكلة على أنه إدمان على الحب أكثر منه إدمان على شكل من أشكال التعبير عنه وهو الجنس.

إحصائيات ومؤشرات تدل على وجود اضطراب نفسي:

- 83 % من المدمنين على الجنس تعرضوا لاعتداء جنسي في وقت ما من حياتهم كأطفال أو في سن المراهقة أو بعد البلوغ وبأشكال ودرجات مختلفة.
- 98 % منهم أشاروا إلى أن سلوكهم الجنسي أدى إلى فقد ثقتهم بأنفسهم وأنهم ينظرون لأنفسهم نظرة دونية.
- 92 % منهم يشعرون باليأس من حالتهم ومن الشفاء من إدمان الجنس.
- حوالي 20 % منهم مثليون جنسياً.
- حوالي 30 % منهم يتأرجحون بين الممارسة الجنسية المثلية (وغيرها) والغيرية.
- 97 % منهم يشعرون بالذنب واحتقار الذات بشكل دائم أو على الأقل بعد كل ممارسة جنسية.
- حوالي 45 % يعاقرون الخمور أو يتعاطون نوعا من المخدرات.
- 91 % منهم يقرون بأنهم يمارسون ما يتعارض مع أخلاقياتهم التي يؤمنون بها.
- تقريبا 99 % منهم يرغبون في التوقف عن سلوكهم الجنسي الغير سوي وتعديل مسار حياتهم الجنسية.
- 82 % منهم مصابون بالاكتئاب مع تفكير جاد في الانتحار.

بعض أنواع الإدمان على الجنس:

هناك أنواع وصور متعددة لإدمان الجنس تختلف من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر. قد يتنقل المدمن من نوع لآخر من إدمان الجنس أو ينوع في سبل التعبير عنه بحثا عن إثارة أكبر في الجنس وممارسته. وقد ينحصر سلوكه في نوع واحد فقط ويبقى يمارسه دون غيره من الأنواع الأخرى.

1) الجنس من خلال الهاتف: وهو نوع من الممارسة الجنسية الغير مباشرة ويسمى أيضا (الجنس الافتراضي Virtual Sex). حيث يطلب الشخص المدمن على الجنس الإثارة عن طريق الاتصال بشخص آخر موافق على هذه العلاقة بينما يقوم الشخص المدمن باستثارة نفسه عن طريق لمس الأعضاء الجنسية لديه. يستعرض المتصلان كل العملية الجنسية ويمثلان مراحلها كأنها تتم فعلا.
تقوم شركات متخصصة في هذا المجال بإشباع رغبات مثل هؤلاء المدمنين عن طريق تنسيق هذه العلاقات مقابل أن يدفع الشخص المتصل مبلغا متفقا عليه.
2) الجنس العارض: ويتم ممارسته مع مجهولين بالنسبة للمدمن ولمرة واحدة فقط. حيث يكثر المدمن من زيارة أماكن وجود الفتيات أو الفتيان لأجل الترفيه أو تعاطي المخدرات والخمور كالبارات والمراقص وغيرها. يتعرف على فتاة (أو الفتاة تتعرف على شاب) ويتم ممارسة الجنس لمرة واحدة فقط ثم ينتقل للبحث عن شخص آخر.
قد يمارس هذا النوع من الإدمان الجنسي في أماكن متعددة وغريبة مثل دورات المياه العامة أو أي مكان للاختباء المؤقت. لا يحرص المدمن على هذا النوع من الجنس على إقامة أي نوع من العلاقة مع قرينه الجنسي أبدا.
يسمى هذا النوع من الممارسة الجنسية باسم الجنس العابر أو العارض (Casual Sex) ويسمى أيضا جنس الليلة الواحدة (One-Night Stand).
غالبا ما يحصل هذا النوع في المدن الكبرى المكتظة ويقوم المدمن على هذا النوع من الممارسة الجنسية بدوريات راجلة أو بسيارته في المدينة لاصطياد قرين جنسي يقبل هو الآخر بالجنس العارض.
يعتبر من أخطر أنواع إدمان الجنس على كلا الطرفين حيث لا يعرف أحدهما الآخر وهل أحدهما مصاب بنوع من الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس كالأيدز والالتهابات الكبدية وغيرها.
3) العادة السرية المبالغ فيها: ممارسة العادة السرية بكثرة مع ترافقها بخيالات معتادة مع هذه الممارسة. وقد تتم أثناء مشاهدة مادة جنسية مرئية أو سماعها عن طريق الكمبيوتر أو أي وسيلة أخرى.
يستغرق الشخص في ممارسة العادة السرية بشكل مبالغ فيه قد تصرفه (أو حتى تعجزه) عن الجنس الطبيعي وتأخذ من وقته الكثير حيث يمارسها عدة مرات في اليوم تصل للخمس أو الست مرات وأكثر.
يسمى هذا النوع من الممارسة الجنسية بالجنس مع النفس (Self-Love) أو الجنس المنفرد (Solo-Sex).
قد يهرب المدمن على ممارسة العادة السرية من ضغوط الحياة ومسببات القلق إلى هذه الممارسة كنوع من إراحة النفس وكباعث على الاسترخاء وقد يلجأ لها للحصول على نوم هادئ.
4) الجنس في بيوت الدعارة ومع العاهرات: ويتأتى هذا النوع من كلا الجنسين. فالرجل يبحث عن العاهرات والفتاة تبحث عن الشخص العاهر. ويتم ذلك في بيوت الدعارة أو الأماكن الترفيهية ويتم دفع مبالغ مالية مقابل الجنس وبأشكال مختلفة (مال مباشر, هدايا, مخدرات, خدمات.....إلخ).
5) العلاقات الجنسية المتعددة: وهي تتم إما مع وجود علاقة شرعية أو قانونية بحيث يقيم المرء علاقات أخرى متعددة غيرها. أو تتم في حالة عدم وجود علاقة شرعية أو قانونية. ويتم ذلك على المستوى الممارسة إما بإقامة أكثر من علاقة في نفس الوقت أو يقيم المدمن علاقات متتالية الواحدة بعد الأخرى دون الجمع بينها.
6) الإستعراء: وهو ميل الشخص المدمن على الجنس إلى كشف عن أعضاءه التناسلية للآخرين (أغراب عنه). قد يكون هذا السلوك بشكل مباشر من خلال إظهار أعضاءه التناسلية بشكل واضح للغير أو بشكل غير مباشر من خلال كشف ملابسه الداخلية وبشكل غير لائق.
7) الجنس مع الأطفال: ويمكن أن يحدث من قبل المدمنين على الجنس البالغين أو من أطفال أكبر سنا تجاه أطفال آخرين أصغر سنا منهم.
8) الشكازة/التلصص (Voyeurism): وهو ما يطلق عليه (البصبصة) ومعناه الولع بالتجسس على الآخرين لرؤية أمورهم الخاصة المتعلقة بالجنس. ومن أمثلتها النظر من خلال الثقوب سواء الجيران أو الأماكن العامة لرؤية شخص عاري أثناء خلوته مع نفسه.
9) صور أخرى: الكلام المستمر عن الجنس والممارسة الجنسية والولع بهذه المسائل عندما يفتح أي حديث مع أي شخص. يحول الشخص كلامه إلى مزح ليغطي على الجزء المخجل من الموضوع.

تأثيرات الإدمان على الجنس:
تأثيرات الإدمان على الجنس متشعبة ولا يمكن حصرها في جانب واحد من حياة الشخص المدمن ولا يمكن أن تتوقف عند حدوده هو بل لا بد أن تمتد على الأقل إلى المحيط القريب منه. هذه التأثيرات قد تكون مروعة وقد تكون قاتلة أحيانا.
1) تأثيرات صحية: الأمراض المنقولة جنسيا مثل الايدز والزهري والسيلان والتهابات الكبد وغيرها هي إحدى أهم المخاطر الجسدية لإدمان الجنس. فغالبية المدنين على الجنس (95% منهم) لا يعيرون أي اهتمام للبس الواقي الذكري (الكوندوم) أو أي وسيلة حماية أخرى. المدمنون على الجنس تكون مناعتهم أقل من الناس الطبيعيين ويصابون بالأمراض الصدرية مثلا أكثر من غيرهم كما أن شفائهم من الأمراض يكون أبطأ بكثير من غيرهم. التعرض للحوادث والإصابات الجسدية المتكررة نتيجة العراك أو غيرها من الأسباب هي أمر شائع بين المدمنين على الجنس نتيجة تصرفاتهم اللامبالية أحيانا.
تؤذي الفتيات المدمنات على الجنس أجسادهن كثيرا سواء جراء الممارسات الجنسية الشاذة أو بسبب عمليات التجميل المتكررة وبالذات للثدي والأرداف. كما يؤذين أنفسهن جسديا بسبب الحمية الغذائية القاسية للتحكم في أوزانهن ليظهرن بشكل أفضل على الدوام من أجل الممارسة الجنسية.
2) تأثيرات نفسية: مثل الكآبة وسوء تقدير الذات وأيضا يصابون بأمراض القلق بكافة أنواعها أكثر من غيرهم. العزلة حتى عن المحيط الغريب كالأسرة تحدث بشكل كبير جدا في أوساط هؤلاء المدمنين على الجنس. يصاب المدمنون أيضا بأنواع أخرى من الإدمان مثل الإدمان على الأكل كوسيلة للهروب من المشكلة الأصلية. تحصل للمدمن أيضا تغيرات في شخصيته تجعل منه غير قادر على الحكم جيدا على الأمور بشكل عام وغير قادر على اتخاذ قرارات حاسمة أو صحيحة. الذاكرة أيضا تصاب باعتلال لديهم بسبب الممارسة الجنسية المفرطة وبسبب التغيرات الكيميائية في الدماغ المصاحبة لها والتي تشبه ما يسببه الكوكايين الأمفيتامينات.
3) الزواج والأسرة: الطلاق قد يكون نتيجة حتمية وتفكك أسرة المدمن على الجنس أمر معتاد الحدوث. قد يؤذي المدمن الزج أو الزوجة جسمانيا نتيجة الممارسة المفرطة وبالذات إن رافقت السلوك الجنسي تصرفات سادية أو ماسوخية تؤدي للأذى المباشر وهذا قد يؤجج الخلافات الزوجية.
4) معاقرة الخمور وتعاطي المخدرات: الارتباط بين النوعين من الإدمان كبير وواضح ومتشعب. يحتاج المدمن لتعاطي مادة مخدرة لأسباب كثيرة ومنها: زيادة متعته ونشوته الجنسية, لتغيير مزاجه العام ويستطيع استحضار صور وخيالات جنسية معينة تروق له, لتبديد الخوف من التجربة نفسها, للتغلب على أي صعوبات في الانتصاب أو الاستمرارية فيه, لخلق مبرر وذلك بهدف التقليل من الندم والخجل الذي يأتي عادة بعد العملية الجنسية....إلخ. والارتباط بينهما أيضا كيميائي حيث يشتركان في آلية العمل على الأقل على مستوى الدوبامين والاعتلال في مستوياته أو في تعامل مستقبلاته معه.
ويبقى هناك ارتباط آخر بينهما حيث أن الجنس يعتبر (عملة) مهمة في عالم المخدرات, فالكثير من المدمنات أو حتى المدمنين على الجنس قد يعرضون أجسادهم بدلا من دفع المال المباشر من أجل تعاطي المخدرات بشكل مجاني.
5) المشاكل القانونية: قد يمارس المدمن على الجنس سلوكيات من ضمنها العدوانية تجاه الآخرين أو اغتصاب القاصرين كما أنه معرض للتواجد في أماكن مشبوهة كثيرة بسبب إدمانه على نوع معين من الجنس يتطلب ذلك كالجنس العارض. الاشتباك مع الآخرين أمر وارد أيضا والقبض عليه نتيجة سلوكه الجنسي قد يكون جزءا معتادا من سيرة حياته. الحمل الغير مقصود أيضا يقع ضمن الكثير من المشاكل القانونية التي قد يتسبب فيها الإدمان على الجنس.
6) المشاكل الاجتماعية: العزلة الاجتماعية تصبح من طبيعة مدمن الجنس كونه يعرف أن تصرفاته غير محببة اجتماعيا أو نتيجة لنفور الآخرين منه عندما يلاحظون سلوكه أو يثير الشبهة لديهم. هذه العزلة قد تجعله ينغمس أكثر في إدمانه على الجنس ليبحث عن السعادة وكتعويض عن الآخرين في حياته. يكثر المدمنون على الجنس من الكذب والمراوغة وجرح مشاعر الآخرين بصور شتى وهذا يزيد من مشاكلهم الاجتماعية وعزلتهم.

العلاج:
إن أول ثلاث حجرات عثرة تعيق علاج الشخص المدمن على الجنس هي : الخوف ، الإنكار ، الفخر (أو تسكين الذنب بسلوكيات مقنعة-الذات المزيفة)
و من الصعب أن يتم نقاش علاج إدمان الجنس دون الكلام عن الإدمان المرافق له وهو الإدمان على المواد المخدرة ويصبح من المحير لدى المعالج بأيهما يبدأ؟ وفي غالب الحالات, لا يبدأ الإنسان المدمن على الجنس المراحل العلاجية الأولى من إدمان الجنس إلا ويكون في المراحل الأخيرة من علاجه من إدمان المواد المخدرة ويبدو أن هذا هو خيار معظم المعالجين وهو أن يبدأوا بعلاج الإدمان على المواد المخدرة أولا.
ويختلف علاج إدمان الجنس عن علاج إدمان المواد المخدرة لأن من الواضح أن الهدف من العلاج ليس التوقف عن ممارسة الجنس تماماً ولكن ممارسته بالصورة النفسية و الروحية التي تتواءم مع الهدف من الجنس و بالشكل الذي لا يجعل منه مشكلة أو معيقاً للحياة أو سبباً للأذية الجسدية سواء للمدمن أو لزوجته وهذا يشبه كثيرا الهدف من علاج الإدمان على الطعام من ناحية الهدف.

1) العلاج المبدئي في العيادات الخارجية: وهو الأساس في علاج إدمان الجنس ويشتمل في مراحله على التثقيف الطبي عن الإدمان عموما وعن إدمان الجنس على وجه الخصوص. يشتمل العلاج أيضا على العلاج الجمعي بأشكال مختلفة وعلى العلاج الفردي مع المختصين في جلسات مكثفة. يجب ألا يغفل برنامج العلاج الأسرة وضمها في خطة العلاج للمساهمة في مساعدة المدمن نفسه وللتخفيف من آثار المشكلة على الأسرة نفسها.
الصوم عن الجنس: في بعض الحالات الخاصة, من المقترح على مدمن الجنس في المرحلة الأولى من العلاج وبمساندة وإرشاد من المعالج إن يصوم المدمن تماماً عن الجنس تماماً (حتى العادة السرية) ولمدة تتراوح بين 30 إلى 90 يوماً. هذا يساعده على تأسيس فكرة أنه كشخص يمكنه العيش بلا جنس ويجعله يستشعر الأمور والأحاسيس الطبيعية التي خفيت عليه أثناء ممارسته للجنس. قد يشعر المدمن على الجنس في بداية هذا الفترة بأعراض انسحابية شبيهة بتلك المرافقة لانسحاب الكوكايين.
2) التنويم/إزالة حساسية وإعادة معالجة حركة العين: وهو استثناء مطلوب لمن يشكل تصرفهم خطورة كبيرة على أنفسهم أو على الآخرين أو لديهم ميول انتحارية. أيضا هناك من يترافق مع مشكلة إدمان الجنس مشكلة نفسية أو جسدية أخرى تستلزم العناية والملاحظة, وهؤلاء أيضا قد يستلزم الأمر تنويمهم أو تقديم العلاجات النفسية السلوكية أو الديناميكية لهم .
3) العلاج الدوائي: ومن الممكن تقديمه في العلاج المبدئي في العيادات الخارجية أو أثناء التنويم في وحدات العلاج المتخصصة. وهو ضروري في الكثير من الحالات ويساعد على الانتظام في البرامج العلاجية الأخرى ويزيد من نتائجها الإيجابية. من أهم الأدوية النفسية في هذا المجال هي مضادات ارتجاع السيروتونين SSRIs مثل (باروكستين, سيرترالين, فلوكستين). تخفف هذه العلاجات من انشغال مدمن الجنس من التفكير والاستغراق في الخيال الجنسي. لبعض المدمنين مجرد تخفيف الشهوة الجنسية وتأخر عملية القذف كأعراض جانبية لهذه الأدوية يعتبر شيئا ايجابيا مشجعا لهم على تنظيم العملية الجنسية لديهم. هذه الأدوية في الأساس من مضادات الاكتئاب وهذا شيء مطلوب في التخفيف من حدة الإكتئاب سواء كان سببا في المشكلة أو سببا في شدتها أو استمرارها أو ناتجا عنها ونفس الشيء ينطبق على القسرية والوسواسية في السلوك الجنسي لدى المدمن.
4) البرامج العلاجية: المجاميع العلاجية(مجموعات المساندة) وبالذات زمالة مدمني الجنس المجهولين SA وغيرها منتشرة في الكثير من الدول وبعضها جزء من منظومة علاج الإدمان بشكل عام وبعضها متخصصة وأهلية الدعم أو حكومية.
5) المتابعة: مدمن الجنس كما هي الحال مع مدمن المخدرات يحتاج للمتابعة والتأهيل في الكثير من جوانب حياته. المتابعة مهمة لملاحظة أي علامة تدل على قرب حدوث انتكاسة والعمل على حل أسبابها ومنعها أو التقليل من نتائجها.
منع الانتكاسات هو أهم عنصر في متابعة مدمن الجنس بعد الشفاء وهي أكبر مهمة تواجه الفريق العلاجي وأسرة المدمن والمدمن نفسه. كما يستلزم الأمر الكثير من الاهتمام بالمشاكل النفسية العميقة والتي تكون جذورها في فترة طفولة المريض البالغ حاليا.

نواتج العلاج والمآل:
بالمقارنة مع إدمان المخدرات, فعلاج الإدمان على الجنس يستلزم وقتا أطول كما تتميز السنة الأولى بالمعاناة الشديدة حيث تظهر النتائج المدمرة لهذا النوع من الإدمان في كل النواحي الوظيفية والاجتماعية والأسرية والمالية وغيرها. كما أن المدمنين على الجنس وشركاء حياتهم ربما يعانون في هذه الفترة من مشاكل أكثر وأكبر مما كانت عليه أثناء فترة الإدمان نفسها.

نتائج الانتكاسات في إدمان الجنس لها نتائج أسوأ مما هي في انتكاسات الإدمان على المواد المخدرة. فمجرد حصول حادثة استعراء واحدة بعد العلاج قد تؤدي بالانسان للسجن أو الطلاق وضياع حياته الزوجة وانهيار أسرته.

من أسباب صعوبة العلاج وبطء التعافي هو أن الكثير من مدمني الجنس قد تعرضوا للاغتصاب أو على الأقل التحرش الجنسي وهم صغار مما يجعل صورة الجنس في أذهانهم مشوشة جدا ويصعب ترميم هذا الجانب من حياتهم.

أغلب الانتكاسات تحصل في الستة شهور الثانية من فترة التعافي وينبغي بذل جهد أكبر في المتابعة والحذر عند وجود ما ينذر بالانتكاسة في هذه الفترة الحساسة.

يبدأ المدمن وأسرته بلمس التحسن الواضح في السنة الثانية والثالثة ويكون ذلك في كافة جوانب الحياة. حيث تبدأ الصدقات والعلاقات مع المدمن تتحسن كثيرا وكذلك الأمر بالنسبة لشئونه المالية والوظيفية وغيرها.

بالنسبة لشركاء المدمن في حياته الجنسية, فأمورهم تتحسن كثيرا في الستة شهور الثانية من العلاج والدعم النفسي حيث تكون الصعوبة في الستة شهر الأولى في الغالب.

** هل أنت مدمن على الجنس؟
أجب عل الأسئلة التالية وإن وجدت نفسك تجيب على واحد منها على الأقل بـ(نعم), فأنت تحتاج للتقييم من قبل المختصين:

1- هل تخفي أمورا متصلة بالجنس عن الناس الذين من المفترض أن يعرفوا ذلك؟ بمعنى هل تشعر أن لك حياة جنسية مزدوجة؟
2- هل وجدت نفسك وبسبب دوافعك الجنسية تمارس الجنس قسريا في أماكن أو مع أشخاص أو في ظروف لا تتفق وطبيعتك؟
3- هل تتعمد البحث عن المثيرات الجنسية (صور, أفلام, أصوات....إلخ) في المجلات, الانترنت أو أي وسيلة أخرى؟
4- هل الخيالات الرومانسية أو الجنسية تعيق علاقاتك مع الآخرين أو تمنعك من مواجهة مشاكل الحياة.
5- هل تشعر بأنك تريد البعد عمن تعاشرهم جنسيا بعد المعاشرة الجنسية مباشرة؟. وهل تشعر بالعار والخجل أو الذنب أو الندم بعد المعاشرة مباشرة؟
6- هل تشعر بالخجل من جسمك أو من ميولك الجنسية بحيث لا تلمس جسمك أو ترفض إقامة علاقات جنسية؟ هل تشعر بالخوف من أنك خامل جنسيا أو لا تشعر بالجنس كما ينبغي؟.
7- هل كل علاقة حميمة جديدة لك يكون تأثيرها عليك سيئا ويكون هذا هو السبب في قطع العلاقة السابقة؟
8- هل يستلزم حدوث عدد أو تنوع أكبر من الأمور الرومانسية أو الجنسية لتحصل على نفس النشوة والسعادة التي كنت تشعر بها في السابق؟
9- هل تعرضت للاعتقال أو كنت على وشك الاعتقال بسبب ممارسة الشكازة أو الاستعراء أو الدعارة أو الجنس مع الصغار أو عيرها من الممارسات الغير مألوفة جنسيا؟
10- هل يتعارض سلوكك أو أسلوب حياتك الجنسي مع مفاهيمك الدينية والروحية وتربيتك؟
11- هل سلوكك الجنسي فيه نوع من الخطورة بالإصابة بالأمراض المعدية أو مشتمل على العنف أو العدوانية أو الإجبار؟
12- هل جعلك سلوكك الجنسي تشعر باليأس والعزلة عن الآخرين أو ألجأك للتفكير في الانتحار؟!.

ملاحظات مهمة:
* (قصة حسام) المذكورة أعلاه افتراضية وهمية ولا تحكي معاناة شخص بعينه. ولكنها قصة نمطية معتادة للحياة الجنسية والاجتماعية والنفسية لشخص مدمن على الجنس.
** التقييم المذكور أعلاه لا يؤكد التشخيص بل هو مجرد تقييم مبدئي لا يغني أبدا عن التقييم الإكلينيكي المتخصص.